| 0 التعليقات ]



توجد في عين الإنسان عدسة , وظيفتها تجميع أشعة الضوء الساقطة على العين في بؤرة على الشبكية ، لتمكين الإنسان من إبصار المرئيات بوضوح وعندما يتغير شكل عدسة العين ، كأن تصبح منبعجة " مفلطحة أو مضغوطة " مستطيلة " ، فإن أشعة الضوء الساقطة على العين . لا تتجمع في بؤرة على الشبكية ، وبذا لا يبصر الإنسان المرئيات بوضوح .
لن نتعرض هنا لأسباب تغير الشكل التشريحي لعدسة العين ، وإنما نذكر أن هذا التغير في شكل العدسة هو المسؤول عما يسمى " عيوب الإبصار " ( أو بالدقة عيوب إنكسار أشعة الضوء ).

تؤدي عيوب الإبصار ، منفردة أو مجتمعة إلى عدم وضوح الرؤية ، ويمكن تصحيح ذلك باستخدام عدسات تعوض عن العيب الناشئ عن تغير شكل أو وضع عدسة العين . مثل هذه العدسات تسمى نظارة طبية أو عوينات

وهي شائعة الاستعمال منذ سنوات ، ولذا تعتبر العلاج التقليدي لعيوب الإبصار.

العدسات اللاصقة
ابتكر العدسات اللاصقة الفيزيايي " أ . فيك " في العام 1887م ، وكانت تصنع من الزجاج حتى العام 1938 م ، حين صنعت من البلاستيك للمرة الأولى ، كما كانت تستخدم العدسات اللاصقة في أول عهدها العلاجي بحجم الجزء الأمامي من العين كله ثم صنع في العام 1950 عدسات لاصقة بحجم قرنية العين فحسب ، ( القرنية غشاء شفاف في مقدم العين، يغطي إنسان العين " الدائرة داكنة اللون " والقزحية " الدائرة الملونة المحيطة بإنسان العين " ) .

تستخدم العدسات اللاصقة في مداراة عيوب الإبصار ، بوضع العدسة الملائمة بحيث تكون ملاصقة للقرنية " ومن هنا جاءت التسمية " . وعلى ذلك ، فالعدسات اللاصقة تختلف عن العدسات التقليدية في أمر جوهري ، وهو أن العدسات التقليدية توضع في إطار يضعه الإنسان على عينيه ، بينما توضع العدسات اللاصقة على العين مباشرة بحيث تلاصقها .

العدسات اللاصقة المستخدمة في علاج عيوب الإبصار في هذه الأيام تصنع جميعها من البلاستيك ، ويوجد منها نوعان رئيسان :

عدسات صلبة " أو جامدة : والعدسات الجامدة أرخص ثمنا وأطول عمرا من النوع الثاني أي العدسات اللاصقة ، ولكنها تحتاج إلى عمل مهني وفني أكبر ، فضلا عن أنها أكثر إثارة لمتاعب المريض

عدسات ناعمة " أو طرية " : وهذا النوع من العدسات اللاصقة يلقى رواجا كبيرا بسبب سهولة استعماله من ناحية ، وبسبب غلاء ثمنه من ناحية ثانية ، فشركات الصناعة تروج له لما تجنيه من أرباح لقاء عمل فني بسيط ، والمريضص يحرص على اقتنائها لما يبدو له من سهولة استعمالها ! بينما يمكن أن يستعمل زوج من العدسات الجامدة لسنوات طويلة ، فإن الزوج من العدسات الطرية لا يستعمل لأكثر من عامين إلا في حالات نادرة جدا أي " حين يكون المريض شديد الاهتمام بعدساته ، دقيقا في اتباع إرشادات الحفظ والتنظيف "

تكون العدسات الجامدة أكبر من القرنية ، بينما تكون العدسات الطرية دائما أغصر من القرنية ، وكلتاهما دائرية الشكل . ويتراوح قطر دائرة العدسة اللاصقة بين سبعة إلى أحد عشر ملليمترا ( 7ر11مم) بينما يتراوح سمكها أي ( ثخانتها) بين ملليمتر واحد إلى جزء من عشرة أجزاء ينقسم إليها الملليمتر (1ر0 ـ 1 مم)

عيوب الاستعمال :
يختلف استعمال العدسات اللاصقة في تصحيح عيوب الإبصار عن استعمال العدسات التقليدية للغرض نفسه ، من وجوه عدة ، وهذه الاختلافات تمثل في الحقيقة عيوب العدسات اللاصقة

يحتاج الإنسان إلى فترة من الزمن يتعود خلالها على استعمال العدسات اللاصقة ، وعلى كيفية وضعها في العين وإزالتها منها وكيفية حفظها

لأن العدسة اللاصقة جسم غريب في العين ، يجد الإنسان صعوبة في احتمالها في عينه ! وتستمر هذه الصعوبة في احتمال العدسة اللاصقة في العين ما بين أسبوعين إلى أربعة أسابيع إذا كانت العدسة طرية ، وما بين أربعة إلى ستة أسابيع إذا كانت العدسة جامدة

حتى بعد نشوء الاحتمال نتيجة صبر المريض على التعود على العدسة في عينه ، فإن وقت الاستعمال قد يستمر محدودا بساعات قليلة كل يوم ، وخصوصا مع العدسات الجامدة ، ( ( يجب ملاحظة لزوم استخدام عدسات تصحيح عيوب الإبصار طوال فترة الاستيقاظ "

يتعين حفظ العدسات اللاصقة بنوعيها في سائل خاص للحفظ كل ليلة ، وطوال الوقت الذي لا تستخدم فيه العدسات ، وهذه عملية يومية يجب أن يلتزم بها من يستعمل العدسات اللاصقة ، كما أن ثمن سائل المستمرة باستمرار استعمال العدسات اللاصقة

قد تتجمع إفرازات العين على العدسات اللاصقة من حين إلى آخر ، مما يؤدي إلى عدم وضوح الرؤية ، ويستلزم بالتالي نزع العدسات من العين لتنظيفها

بعد فترة من استعمال العدسات اللاصقة ، يختلف طولها الزمني من إنسان إلى آخر ، تنشأ ظاهرة تسمى " عدم الاحتمال " حين يصبح المريض غير قادر على احتمال وجود العدسات في عينيه

عد استقر العدسة اللاصقة في موضعها يؤدي إلى عدم الانتفاع من وجودها ، وقد يكون عدم استقرار العدسة راجعا إلى قياسات فنية خاطئة في أثناء تصميم العدسة ، وإن كان تدميع العين هو السبب الأكثر في معظم الحالات ، وتدميع العين مشكلة شائعة في الأسابيع الأولى من استعمال عدسات لاصقة

لوحظ وجود شكوى من نوعي العدسات اللاصقة في أثناء الحمل ، وعند تعاطي أقراص منع الحمل والعقاقير المدرة للبول ، وهذه الشكوى موضع بحث لمعرفة ما إذا كان مصدر المتاعب هو تأثير الهورمونات أوالعقاقير على قرنية العين ، أم أنه تفاعل بين تلك المواد وبين العدسة اللاصقة .

المشكلات الطبية :
لا يقتصر استعمال العدسات اللاصقة على عيوب الاستعمال المذكورة ، إذ قد ينشأ عن استعمالها أضرار خطيرة ، تستلزم تدخلا طبيا عاجلا من نوع أو آخر.

أهم هذه الأضرار ما يلي : ـ
ـ حدوث حساسية في العين نتيجة المواج الكيمياوية الموجودة في سائل حفظ العدسة اللاصقة ، يحدث هذا بصفة خاصة مع سائل حفظ العدسات الطرية الذي يخضع لعملية تقويم من قبل شركات الصناعة لجعله أكثر أمانا عند الاستعمال.

ـ نقل عدوى إلى العين ، وخصوصا في حال العدسات الطرية التي يمكن أن تؤوي فيروسات وميكروبات مختلفة ، وإذا صارت العدسات ملوثة " حاملة لميكروبات " ، فإن سائل الحفظ يصير ملوثا كذلك ، لذا هناك اتجاه نحو استعمال سائل لتعقيم العدسة خلافا لسائل الحفظ .

ـ إدخال أجسام غريبة للعين ، وخصوصا إذا لم يهتم الإنسان كثيرا بمسألة النظافة ، إذ يمكن أن يعلق بالعدسات اللاصقة ، وبخاصة الطرية ذرات غبار وقطع شعر ، وغير ذلك من الأشياء الدقيقة .

ـ تقرح القرنية : لعل هذا أخطر وأهم المشكلات الطبية المترتبة على استعمال نوعي العدسات اللاصقة ، فالقرنية غشاء غير وعائي ، أي لا تغذيه أوعية دموية ، وهو لذلك يحصل على الأكسجين من الهواء الجوي مباشرة ، وأي شئ يعوق حصول القرنية على غاز الأكسجين ـ كما هو الحال مع العدسات اللاصقة ـ يؤدي إلى موت خلايا ذلك الغشاء .

من حسن الطالع أن تقرح القرنية الناتج من استعمال العدسات اللاصقة عملية تدريجية ، يمكن إيقاف تطورها إذا أمكن الانتباه إليها وعلاجها في وقت مبكر ، ففي البدء يؤدي نقص الأكسجين إلى " ارتشاح السوائل " في طبقات غشاء القرنية ، ( تتكون القرنية على رقتها من خمس طبقات من الخلايا ) ، ويؤدي ارتشاح السوائل إلى " زغللة " الرؤية أو عدم وضوحها ( كما لو كان الإنسان ينظر من وراء زجاج مبلل بالماء ) ، عند هذه المرحلة ، يمكن نزع العدسة اللاصقة ، وعدم استعمالها لساعات عدة حتى تعود الأمور إلى طبيعتها .

إذا استمر الإنسان في استعمال العدسات اللاصقة بعد ارتشاح السوائل في غشاء القرنية ، فإن استمرار نقص غاز الأكسجين يؤدي إلى موت بعض خلايا القرنية ـ الأكثر حرمانا من الأكسجين ، وتسمى هذه الحال " خدش القرنية " وتؤدي إلى شعور المريض بألم شديد في عينه ، ويمكن العلاج بنزع العدسة اللاصقة وعدم استعمالها مدة ثلاثة أيام ، مع عدم اجهاد العين أو تعرضها لضوء قوي أو مواد ملوثة .

غالبا ما يلتئم خدش القرنية بهذا العلاج البسيط ، أما استمرار استعمال العدسات اللاصقة مع وجود الخدش فسوف يزيد الأمور سوءا ، إذ سيموت عدد أكبر من خلايا القرنية مؤديا إلى نشوء " قرحة القرنية " ، وهي حال خطيرة قد تذهب بالبصر إذا تعرضت العين لغزو الميكروبات عبر القرحة ، وقد ينتج من ذلك ضعف بصري دائم عندما يتكون نسيج ليفي لسد " طمر القرحة " ، ويجب في حال حدوث قرحة القرنية أن يخضع الإنسان لعلاج متخصص بمعرفة طبيب أمراض العيون على جناح السرعة .

والجدير ذكره أن الأنواع الحديثة جدا ، من العدسات اللاصقة ، التي تسمى "العدسات الدائمة " ( لأن الإنسان يمكن أن ينام وهي في عينيه دون حاجة إلى نزعها " هي أكثر الأنواع عرضة لإحداث تقرح القرنية ).

علاج بديل
الآن يتضح ما يمكن أن يترتب على استعمال العدسات اللاصقة من عيوب ومشكلات طبية ، لكن من قبيل الإنصاف يتعين أن نذكر أن العدسات اللاصقة ليست شرا كلها ، فهي ذات فائدة علاجية محققة في حالات " تحدب القرنية " كما أنها أنسب ما تكون لعلاج عيوب الإبصار الناشئة عن جراحات العيون وعن إزالة عدسة العين .

ثم إن العدسات اللاصقة غير ملحوظة في العين عند استعمالها ، وهذه فائدة جمالية رلا تقدر بثمن ، وخصوصا عند الفتيات والسيدات الحريصات على إخفاء عيوب الإبصار عندهن ! ومن الطريف أن نذكر أن بعض النساء يؤثرن احتمال كل متاعب العدسات اللاصقة ومشكلاتها على استخدام العدسات التقليدية " النظارة الطبية " ! .

ويدفعنا الإنصاف من جديد إلى تقرير أن العدسات اللاصقة لا يمكن اعتبارها بديلا عصريا للعدسات التقليدية ، وإذا كانت العدسات اللاصقة علاجا نموذجيا لبعض الناس أو في بعض الحالات ، فإنها لا تزال مصدرا لمتاعب ومشكلات طبية كثيرة إذا ما قورنت بالعدسات التقليدية .

إلا أن هذا التقرير لا ينفي أن يأتي المستقبل بأنواع أجود من
العدسات اللاصقة ، لتكون أقل إثارة للمتاعب من الأصناف
والنماذج الحالية الموجودة !

0 التعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة